في صبيحة اليوم ال1271 على بدء ثورة الكرامة

لا لتكرار تجربة إتفاق قاهرة رقم 2 وتكرار تجربة جعل لبنان صندوق بريد لإجرام القوى التي تقف خلف إستعراض "الكاتيوشا" و"الغراد". إجرام يعرض لبنان لأثمانٍ لا طاقة له بها، ولا يقدم أي دعم للنضال الفلسطيني والأقصى بوجه بربرية الصهاينة وعنصريتهم، لا بل فإن الصواريخ المجهولة المعلومة أدت غرضها بطي صفحة الإنقسامات في الكيان الصهيوني والتوحد حول حكومة القتل والإقتلاع والتوسع!
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يُراد من تحريك الجبهة الجنوبية تثبيت الدور الإقليمي لحزب الله في ظلِّ متغييرات متسارعة إثر التوصل للإتفاق السعودي الإيراني بشراكة صينية كاملة؟ وهل بوسع حزب الله تغطية موقفه بالإسنخفاف بعقول الناس والتلطي خلف "حماس" وأشباهها، للهرب من المسؤولية عما سيصيب أبناء الجنوب ولبنان نتيجة هذا الإنفلات؟ وإلاّ ما معنى حديث نعيم قاسم تعليقاً على التطور الجنوبي الخطير عن "توازن الردع قائم وحاضر، والمجاهدون الفلسطينيون في الميدان، وكل محور المقاومة في يقظة"!
وفيما عاد الهدوء وساد الترقب والحذر أعادت الإستباحة وضع لبنان بعين العاصفة، وهو البلد المدمر إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً وبات رصيف هجرة. فقد كشف الدور المخزي لحكومة ميقاتي التي إنعدم وجودها، وبدت على حقيقتها، واجهة متداعية من واجهات سلبطة حزب الله الذي يملي على البلد سياسات لا طاقة له بها! وكشف الإستعراض الصاروخي هزال "الضمانات" التي قيل أن مرشح حزب الله سليمان فرنجية قدمها للفرنسيين. لقد بدا للعيان مرة أخرى أن ما يريده حزب الله من الرئاسة، تمديد الحقبة العونية عبر رئيس لا يتوانى عن تغطية إملاءات الحزب الذي ينفذ سياسات ملالي طهران، إذ لا يمكن عزل الحدث الجنوبي عن توجهات أملتها القيادة الإيرانية بالذات!

2- لم يحجب الحدث الجنوبي الخطير، التطور المرتبط بالمنهبة والسطو على الودائع، مع إدعاء القضاء الفرنسي على البنكرجي مروان خير الدين ما شكل صفعة للقضاء المقيد التابع عندنا، وكشفت الخطوة الكبيرة أدوار المافيا السياسية التي تجهد من خلال الحكومة ومجلس النواب والقضاء والكثير من الأبواق الإعلامية، لحماية بعض أبرز مرتكبي الجرائم المالية، ما فتح أملاً بأن المحاسبة آتية ولن تتأخر. والأمر اللافت تزامن هذه الخطوة مع إستدعاء القضاء الفرنسي لرياض سلامة إلى التحقيق في باريس يوم 16 أيار القادم، الأمر الذي يعني أن بعض من إعتبروا أنفسهم فوق المحاسبة عليهم أن يتحسسوا رقابهم إذ يبدو أن اللائحة طويلة!
لائحة الإتهامات ضد خير الدين رئيس مجلس إدارة "بنك الموارد"، والوزير السابق والمرشح إلى النيابة على لائحة الثنائي المذهبي في الجنوب، والذي سقط طعنه بنيابة فراس حمدان، تشمل تكوين جماعة إجرامية بهدف إختلاس أموال عامة من قبل موظفٍ عمومي(رياض سلامة) على حساب الدولة اللبنانية وإساءة الأمانة والرشوة. كذلك إتهم بغسل الأموال، ووضع تحت رقابة قضائية بعد إحتجاز جواز سفره.
قلق بالغ ينتاب بقية البنكرجية مع ورود إسم سمير حنا مدير عام بنك عودة في التحقيقات، وربما سواه، ووردت معطيات بأن الكثير من البنكرجية ألغوا رحلاتهم إلى اوروبا وليس فقط فرنسا! بعدما كشفت إعترافات خير الدين أمام المحققين أن رجا سلامة أودع 15 مليون دولار في مصرفه باسم رياض سلامة وتحولت هذه الوديعة خلال سنوات قليلة، وبقدرة قادر إلى 150 مليون دولار، أقدم فاسد البنك المركزي على سحبها عشية إنفجار أزمة "الكاش"، ويقول خير الدين أن سلامة سحبها  بعد توضيبها في كراتين!
لقد حمت المافيا المتسلطة طويلاً أحد أطرافها: الرموز المصرفية، وتم تسخير القضاء لحماية الناهبين، وفبركت الإضرابات المصرفية التي إسترهنت البلد لإبتزاز بعض القضاء عندما قام بدوره، فماذا سيفعلون الآن؟ هل ستعلن جمعية المصارف إضراباً إحتجاجياً ضد القضاء الفرنسي، بعدم إكشف أمام كل الدنيا القعر الذي بلغته نخبة من المرابين الشركاء في تنفيذ السياسة التي دمرت البلد؟

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب والصحافي حنا صالح