في صبيحة اليوم ال1189 على بدء ثورة الكرامة
حدثان في بيروت اليوم، الأول دعوة جماعية لأهالي الضحايا إلى التحقيق، تطال 12 شخصاً، والثاني إنطلاق التحقيقات الأوروبية، مع عدد من الشهود في شبهة تبيض الأموال المتهم بها رياض سلامة ومقربين منه بينهم شقيقه رجا!
وتوازياً يتسع الإنهيار المالي مع ملامسة سعر صرف الدولار رقم ال50 الفاً وتتراجع بقوة قيمة الليرة وتنهار أكثر فأكثر قدرة المواطنين على الإستمرار..والأكيد أن لا قعر لإنهيار قيمة النقد الوطني ولا سقف لإرتفاع سعر صرف الدولار! وحصيلة المنهبة مرضى يحتضرون لعجزهم عن تأمين العلاج، وطلاب يهجرون قسراً مقاعد الدراسة، والهجرة تتسع، وألوف العائلات المحاصرة بالعوز والجوع تبيع القليل الذي تملك لتأمين الغذاء، وتحول التسول إلى ظاهرة عامة!..
مرعب ما يجري من المتحكمين بالقرار المالي. تقول الأرقام أن الأرباح الصافية للكارتل المصرفي في آخر 10 جلسات تداول على منصة صيرفة بلغت 45 مليون دولار، وكانت أرباح المصارف عبر صيرفة خلال العام المنصرم قد بلغت 360 مليون دولار! ومئات ملايين الدولارات ذهبت إلى المحتكرين والمضاربين وجيوب الدويلة وميليشيات النظام السوري والقوى الطائفية على حساب كل البلد والأكثرية الشعبية من أبنائه!
1 - كشفت واقعة توقيف وليم نون لمدة 24 ساعة، وهو شقيق أحد ضحايا جريمة تفجير المرفأ جو نون، واقع تمزق القضاء تحت وقع التدخل السياسي الوقح، وأكثر ما برز ذلك في البيان الذي صدر باسم مجلس القضاء الأعلى وإعلان رئيس المجلس الرئيس سهيل عبود صدوره ليس نظامياً، كما كشفت الحدث حجم التردي في الأداء الأمني! فلئن كان الجهاز الذي مارس الإستقواء، رئيسه مطلوب للتحقيق، وقد وضع ميشال عون الرئيس السابق للجمهورية خيمة فوق رأسه لمنع مثوله أمام المحقق العدلي، فوضع بقية الأجهزة ليس بأفضل فقد سبق لها الإمتناع عن توقيف مدعى عليهم ب "جناية القصد الإحتمالي بالقتل" كالوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر وسواهم من كبار الشخصيات المطلوبة للتحقيق!
إن الإستقواء على أهالي ضحايا جريمة العصر، والإصرار على الإستدعاء للتحقيق اليوم، أمام جهاز أمن الدولة وتحري بيروت، بذريعة إطلاق تهديدات كلامية، نهج أدى إلى إعادة تسليط الضوء على الجريمة الكبرى والنتائج الجرمية المتأتية عن تعطيل التحقيق منذ 23 كانون أول 2021 وتجميد عمل المحقق العدلي طارق البيطار. لقد ثبت إستحالة المضي في نهج مصادرة التحقيق لحجب الحقيقة والعدالة. والأكيد فإن الحدث أدى إلى إنقلاب السحر على السحرة الصغار، الذين ظنوا أن الإستدعاءات مدخل لتطويع البلد، وأنها ستسهم بالمضي في نهج طمس التحقيق العدلي في الإبادة الجماعية، يوم تفجيرت في 4 آب 2020 وترميد ثلث العاصمة، فإتسعت المطالبة باستئناف التحقيق وعودة المحقق العدلي طارق البيطار!
2- مصرفيون كباراً من مصارف عودة والمتوسط وسرادار والإعتماد اللبناني والموارد وبنك مصر ولبنان، يمثلون بدءاً من اليوم أمام بعثات التحقيق الأوروبية في قضية شبهات تبيض اموال، متهم بها رياض سلامة..التحقيقات تتناول مرحلة طويلة تبدأ من العام 2002، مع إنطلاقة شركة "فوري"( رجا سلامة) بتسويق الأوراق المالية للمصارف، التي سبق وأنكروا علاقتهم بها وذكروا أن العمولات التي دفعوها كانت لمصرف لبنان وليس للشركة المذكورة، ما يعني وجود شبهة إختلاس من المال العام!
والأمر الأكيد أن الخناق محكم، وقد إفتضحت الحملات التي إستهدفت البعثات القضائية الأوروبية، فأمام هذه البعثات التي ستعمل شراكة مع قضاة لبنانيين، ستفتح الأوراق ولا سرية مصرفية أمام التحقيقات، وفقاً لمعاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعها لبنان في العام 2009. جوانب هامة قد تبرز بينها ما قد يفتح باب الملاحقة القضائية وبدء المحاسبة، ولن تتمكن الضغوطات السياسية من إبقاء أبواب المساءلة مقفلة، كما قد لا يقبل رياض سلامة أن يكون مستهدف وحده! فألفباء المساءلة مدخل جدي لبحث السبل والطرق المفضية للحفاظ على الودائع الصغيرة والمتوسطة وبدء التحقيق بهدف المحاسبة بشفافية، ربما يعجل من إمكانية بدء تحقيقات جنائية في حسابات الودائع الكبرى، وفي مغاور فساد المصارف كما مصرف لبنان وبقية المؤسسات!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح