في صبيحة اليوم ال1163 على بدء ثورة الكرامة
سعر صرف الدولار يقترب من الخمسين ألف ليرة! وجنون الأسعار يسابق إنهيار سعر صرف الليرة!
هذه هي العيدية التي تنتظر اللبنانيين في زمن تفرد حزب الله بقرار البلد، بعدما حوّل الفريق العوني الرئاسة إلى واجهة بروتوكولية تغطي إختطاف الدولة بالسلاح اللاشرعي!
وهذه هي العيدية بعدما نجحت حكومة "الثورة المضادة" لحزب الله التي جيء بالميقاتي إلى رئاستها، في التفاني دفاعاً عن مصالح كارتل مصرفي سياسي ناهب، الذي سطى على الودائع جني أعمار اللبنانيين!
وهذه هي العيدية التي قدمها للبنانيين الرئيس الأزلي لمجلس النواب نبيه بري منفذ المخطط الخطير لتمكين حزب الله من إحكام قبضته على البلد، عبر البدع والإمعان بنهج تغطية الفساد بالقوانين، من "قانون الموازنة" وما حمله من فجور ضريبي حمى الناهبين، إلى "قانون رفع السرية المصرفية" الذي تضمن ألغاماً تمنع القضاء من ملاحقة مرتكبي الجرائم المالية، إلى مشروع "الكابيتال كونترول" المعلق..وسواها، وكلها إستهدفت الرغيف وحبة الدواء وعمّقت العتمة!
جرائم عهد جهنم المستمر بعد نحوٍ من 50 يوماً على خروج عون من بعبدا، كشفت عن عمق التحالف المتين لمنظومة النيترات، سولء من هم داخل "جنة الحكم" أو خارجها، ومن هم في برلمان 20 22 أو الذي سبقه..عندما تبين أن أذرع بري لتمرير سياسات حزب الله وحكومته تمر عبر نواب رموز لكتل نيابية مثل جورج عدوان وإبراهيم كنعان وعلي حسن خليل وهادي أبو الحسن، وقبلهم نواب المستقبل وفرنجية وغيرهم من "السياديين" الذين يرفعون لواء السيادة عبر منصة تويتر وسواها، فالتقوا جميعاً على تغطية هدر السيادة والثروة الغازية أمام العدو، كما غطوا تغول الإقتصاد الموازي لحزب الله، وتشاركوا جميعاً في نهج تجويف المؤسسات وإضعافها وشل السلطة القضائية وتكبيلها لمنع المحاسبة والمساءلة والبداية مصادرة الحقيقة وحجب العدالة حتى في جريمة العصر:تفجير المرفأ وتدمير ثلث العاصمة!
مجدداً يتأكد ما فضحته ثورة "17 تشرين"، التي رفعت شعار الأثير "كلن يعني كلن"، وعرت الناهبين الذين إغتالوا مستقبل البلد وغطوا إرتهانه وإستتباعه لمحور الممانعة. فتؤكد أحداث اليوم أن لإذلال اللبنانيين أم وأب، وأن الوضع الكارثي الذي إنضم فيه جزء من اللبنانيين إلى شعوب "قوارب الموت"، ما كان ليتم لولا كل المسار الذي يعاني منه لبنان مع تعمق الخلل الوطني في ميزان القوى، ف"نجح" عهد جهنم في تحطيم الأرقام القياسية في الإنهيارات التي تطحن حياة اللبنانيين وتهدد بالقضاء على كل فرص إستعادة لبنان وإنتشال أهله من البؤس!
ومجدداً يتأكد أن مسار "17 تشرين" هو المسار الوحيد لإنقاذ البلد، ونجاح هذا المسار لا يكون إلاّ بالعمل الجدي لخلق القطب الشعبي المعبر عن وجع الناس: "الكتلة التاريخية" الشعبية العابرة للمناطق والطوائف والتي تعكس الصورة التي قدمتها الثورة، وتقدم للبنانيين البديل السياسي لمنظومة النيترات. وواضح أنهم أهل نظام المحاصصة يعيشون قلق إحتمال هذه العودة الحتمية، فبعدما تباهى نصرالله بأن حزبه مارس القمع ضد الثورة والثوار، فاته أن نجاح القمع بإحراق الخيم وإخراج المتظاهرين من الساحات، عمّق وجود الثورة في قلوب الناس وعقولها. وهذا ما يقلق باسيل فاقد الأمل بالتوريث، فوجد أفضل العناوين لمهاجمة أحد منافسيه على الرئاسة، قائد الجيش العماد جوزيف عون، إلاّ وصفه بأنه قاد إنقلاب، والتهمة أنه لم يقمع كفاية ثورة "17 تشرين" ويتناسى الباسيل ما كان يجري في ساحة الشهداء وجل الديب والذوق وعلى طريق القصر الجمهوري، ويتناسى جريمة تحويل فئة عسكرية بعينها إلى نوعٍ من الميليشيا التابعة للفريق العوني، فتطاول المعاقب شعبيا ودولياً على الثورة والهواء النظيف الذي حملته لكنس النفايات السياسية المتسلطة!
يقال عن نية طيبة أن ال6 سنت فجرت الثورة! صحيح فقد طفح الكأس..وكلما إنهارت الليرة وجنت الأسعار يقال أين الثورة؟ السؤال الحقيقي أين كلٍ منا في مواجهة عدو اللبنانيين يملك الكثير من مفاتيح القوة وأساليب البطش وأشكال الإذلال عبر إشغال الناس بالهوامش: تخيلوا الآثار السلبية على المضي في المواجهة مع المتسلطين، الناجمة مثلاً عن إعتماد نهج رشوة عامة للناس حولت نحو 400 الف لبناني بين موظف، جندي، دركي ومتقاعد، إلى متاجرين بالعملة يتقاضون مخصصاتهم بالدولار على سعر صيرفة ويبيعونها في السوق الموازية بفارق يفوق ال10 آلاف ليرة لكل دولار.. تخيلوا نجاح الفاسد رياض سلامة الملاحق دولياً كيف أشغل اللبنانيين في بدعة حولت اللبنانيين إلى طوابير على آلات الصرف!
ولن نتحدث عن الإحتضان الدولي لمنظومة الفساد عندما وفّر لها رعاية عبر البنك الدولي وصندوق النقد طيلة 25 سنة ولم يفتح أعينه إلاّ في الفترة الأخيرة! لكن رغم كل الصعوبات تؤكد مخاوف نصرالله والدجل الباسيلي كما مخاوف كل الذين فشلوا في تطويع الثورة، أن مسار تشرين يفترض الإنتقال إلى بلورة أحزاب حقيقية تشرينية والذهاب إلى العمل والخروج من التمنيات!
ولنؤكد اليوم وكل يوم : "كلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح