في صبيحة اليوم ال1139 و1140 على بدء ثورة الكرامة

 

الإنسداد الرئاسي مقيم، والجلسة الثامنة الخميس لن تخرج عن المألوف، لا بالشكل ولا بالمضمون، فحتى اللحظة هناك في العمق قناعة لدى كل الأطراف النيابية بأن سد الشغور الرئاسي ليس قريباً، وسيشهد الشهر الطالع مناوشات لتقطيع الوقت وتغطية ما بدأ من "تشاور" و"إنتظارات".
تزامناً رسم الخامنئي الإطار للإستحقاق الرئاسي، مدرجاً لبنان ضمن الدول الخاضعة إلى "العمق الإيراني"، أي أن أهله جزء من دروع بشرية تحرسها بنادق لا شرعية ودورها الدفاع عن نظام الملالي ..فيما البعض الآخر ينتظر نتائج لقاء بايدن ماكرون، حيث تبدأ غداً زيارة الأخير إلى أميركا وقد رافقها حديث يتم ترويجه، من أن وضع لبنان مدرج على جدول الأعمال، وأن واشنطن وباريس يستعجلان إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة تلتزم أجندة إصلاحية!

 

 

2- في السياق تتمدد حالة غربة يعيشها بعض نواب الثورة، إذ رغم الإدراك العميق أن مشكلة فعلية تكمن في الإختلال الوطني بموازين القوى، ما يوجب منحها الأولوية، راح البعض يرمي الترهات عن "أصولية" في ثورة 17 تشرين تخون "معارضة" النظام و"موالاته"! وفات البعض، وقد بدا الكلام عن الثورة شماعة، التوقف عند ما يقوله البنك الدولي وكل الموفدين الخارجيين، من أن السبب في إفقار لبنان وإرسال شعبه إلى الجحيم، جريمة منظمة تم ارتكابها بوعي ومخطط مدروس، أبطالها طبقة سياسية معروفة بالإسم والعنوان، و"التحالف" معها إلتحاق، وتنكر لوجع الناس، الذي توحد في تشرين، وصبّ مئات ألوف الأصوات العقابية في أيار ضدن "كلن يعني كلن" فأوصل هذا وذاك إلى المجلس النيابي ولم يمنح أحد وكالة تمثيلٍ مفتوحة!
وفيما تتالى وقائع مآسي الناس، فالأمر اللافت أنه ما من جهة نيابية تقف عند سكاكين الناهبين، التي تتحرك في الجروح المفتوحة، فتبتدع الضرائب الجائرة على الرواتب، والرسوم التي لا سقف لها على معاملات عامة الناس، وتمضي خطوات كبيرة في جريمة تسعير الكهرباء غير الموجودة، على قاعدة التنافس مع كارتل المولدات، مع فارق إبتداع مدخلٍ جديد للسرقة قبل تأمين التيار، من خلال الرسم المضاعف عدة مرات على العداد والإشتراك الثابت وخلافه! وتواصل حماية المحظوظين من كارتلات متسلطة مصرفية وجهات تحتكر الغذاء والدواء وطبقة سياسية من السماسرة!

 

 

3- لن تسمح طهران برئيس للبنان، لا يضمن أولوية ما يسميه حزب الله "عدم الطعن بالمقاومة"(..) فلبنان "عمق إيراني" نجحت طهران بتحويل شعبه مع العراقيين والسوريين، إلى ما يشبه خط الدفاع الأمامي عن النظام الإيراني. مشروع السيطرة هذه، يتم تحت غطاء ممجوج عن مواجهة الإستكبار العالمي وكسر المشروع الأميركي، لتغطية ما يحضر من قمع خطير للثورة الإيرانية! وكأن شعوب إيران كما شعوب المنطقة أصحاب ذاكرة "سمكية" يجهلون الأفضال الأميركية على نظام الملالي، من قرار بول بريمر حل الجيش العراقي، إلى دور روبرت مالي في مفاوضات فيينا، وبينهما الهوليودي عاموس هوكشتين، مهندس جريمة تخلي المتسلطين على لبنان عن السيادة والثروة للعدو في صفقة ضمنت مصالح نظام طهران!
في السياق يتسع تكرار حلقات المسلسل المحروق، فيقوم حزب الله الذي يقود السلطة بتخوين "معارضته" تحضيراً لإنجاز مخطط الإستئثار بموقع رئاسة الجمهورية، ليستمر مخطط الإقتلاع والإستتباع والإلحاق.. ولا شيء مستغرب أو جديد. هذا النهج هو تتمة لما تم فرضه منذ أكثر من عقد، رغم وجود أكثرية نيابية كانت تقول بالخصومة مع حزب الله..وتكرس كل هذا المنحى في التسوية الرئاسية في العام 2016..وبات جلياً أن الحزب بعد إتفاق الترسيم والتطبيع الفعلي، يرى أن بقاء الرئاسة بين يديه ضرورة لتغطية السلاح، وهذا السلاح ضرورة لبقاء هيمنته على البلد، تحت طائل التهديد المتكرر: إما كذا وكيت وإما أنتم تدفعون إلى حربٍ أهلية!
لا تضيعوا البوصلة، مكمن الخلل هو الإختلال الوطني بميزان القوى فليكن الجهد بهذا الإتجاه للتنظيم والبناء وتعزيز الثقة مع الناس كي يغادر المتردد مقاعد المتفرجين.

 

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب والصحافي حنا صالح