في صبيحة اليوم ال1127 و1128 على بدء ثورة الكرامة

لا أفق مرئياً لإنهاء الشغور في الرئاسة، وتكاد تنعدم كل الفرص التقليدية لإمكانية بدء النهوض. كل التسريبات تقول أن حزب الله حسم موقفه من الرئاسة وأبلغ فرنجية أنه مرشحه، وأن فرنجية بالذات هو من تنطبق عليه المواصفات التي أعلنها نصرالله بشأن الرئيس الذي يحمي المقاومة ولا يطعنها في الظهر! رئيس يخدم مصالح ومخططات إقتلاع البلد وآخر همومه أحوال اللبنانيين!

اللبنانيون عموماً، يبحثون وإن لم يرفعوا اليافطات، عن إستعادة الجمهورية. وعن رئيس عنوان ومثال لرجل الدولة الذي يتمسك بالدستور والسيادة والعدالة، وأولها العدالة الإجتماعية، حتى يعود لبنان يشبه نفسه كمكان آمنٍ صالح للعيش، يحتضن أبناءه ويفتح المجال وسيعاً أمام التنافس الحر الحقيقي، لتعويض المواطنين بعض ما فاتهم في ظلّ تسلط فاجرين ناهبين مستبدين قتلة.
لا قيمة للقتال على الرئاسة والدولة مخطوفة والجمهورية مغيبة مقيدة والرئاسة تم إحتلالها وباتت واجهة لرئاسة فعلية في مكان آخر! التحدي الحقيقي بالجرأة في الذهاب لإستعادة الدولة المخطوفة، وتحرير الجمهورية، وإطلاق سبيل الرئاسة، باسترجاع صلاحياتها، ليكون لهذا التنافس معنى أنه إستحقاق ينبغي أن يخدم الناس وينقل البلد من حالٍ إلى حال!
ولا سبيل أمام اللبنانيين إلاّ بالعمل الجاد لإنهاء الإختلال الوطني في ميزان القوى، الذي يكون في بلورة قيام "الكتلة التاريخية" التي يعول عليها لتقديم البديل السياسي إنتشال البلد. أهمية إعلان ترشيح عصام خليفة السيادي ورمز الصلابة الوطنية في الدفاع عن حقوق اللبنانيين وفي السير بعملية إصلاح حقيقي، أمر ينبغي التوجه به للناس، لإستنهاضها وعودة المواطنين إلى ممارسة الفعل والتأثير في السياسة والإستحقاق الأهم. صوت الناس مفقود حتى اللحظة..فتسود مناورات وألاعيب المتسلطين ولا هاجس لهم إلاّ تجديد المحاصصة وتأبيد التسلط ولو بالإتكاء على بندقية حزب الله اللاشرعية!
الإنقسامات النيابية تتعمق حتى اللحظة بين "معارضة" و "موالاة" النظام، لأن الخلاف العميق مستمر كون الضباب يلف حتى الآن معالم تجديد المحاصصة بين أطراف الطبقة السياسية، المسؤولة وإن بتفاوت، عن أخذ اللبنانيين إلى الجحيم وأخذ لبنان إلى الحضيض. ها هو تيمور جنبلاط يعلن من بكركي أن فريقه مع ترشيح ميشال معوض، و"إن كان لدى الفريق الآخر أي إسمٍ للتوافق نبحث بالأمر. أهلاً وسهلاً" ولا يستبعد أن تطول فترة الشغور الرئاسي.. وهذا الموقف أكثر ما ينطبق على التصريحات التي يلهج بها فريق حزب القوات، فهم لا يفوتون فرصة للتأكيد أن معوض مرشحنا حتى الآن..كل ذلك يعني أن سيناريو الجلسة الإنتخابية السادسة يوم غد ستستنسخ سابقاتها، لجهة إطاحة النصاب الذي يستحيل تأمينه( نصاب الثلثين) مع الإنشطار العمودي الراهن بين طرفي النظام "معارضة" و"موالاة"!
وبالتوازي يتسع الهريان والقلق من المضي في منحى النهب والإفقار: لاحظوا كيفية رفع أسعار الكهرباء. هم يفاضلون مع كارتل المولدات ويرفعون سعر الكهرباء من سنت واحد للكيلو وات إلى 27 دفعة واحدة، مع رسوم همايونية للإشتراك ولا أحد من النواب يطرح صوت الناس؟!

صحيح أن النواب ال19 الذين إلتقوا أمس، وقالوا أنهم يمثلون 32 نائباً، قالوا لا للتشريع وهم على حق بذلك، ولا أولوية تفوق الذهاب لإنتخاب رئيس للجمهورية، وينبغي الخروج من الشغور الرئاسي، وبرأي أكثريتهم أن مفتاح الإنتقال بالبلد إلى حال آخر هو اليوم وقفاً على إنتخاب هذا الرئيس! تفوتهم حقيقة مدوية، وهي أن كل الرئاسات من الهرواي حتى عون، لم تنتشل البلد، الذي راح يغرق تباعاً! ولا يراهن أحد اليوم على أن التكرار وفق الشروط عينها يعوّل عليها للحصول على نتائج مغايرة.

إن عنوان التغيير الوحيد رسمته ثورة "17 تشرين" التي أثبتت أنها عصية على الإستيعاب وأكبر بكثير من أوهام البعض على التدجين. والوفاء لناسها وهم الأكثرية الشعبية يفترض العودة إلى الساحات وأماكن الكتل البشرية، لمحاورتهم والإستماع إلى رأيهم وهواجسهم وحمل أوجاعهم وأحلامهم ببلد لكل أبنائه، فيه مساواة في الفرص وتسوده العدالة فلا يستمر قانون الإفلات من العقاب وقوانين الحصانة والعفو عن الجرائم كما يجري الآن من محاولات لإقرار قانون "كابيتال كونترول" لحمته وسداه العفو عن الجرائم المالية..

مثل هذا المنحى هو ما سيملي على البرلمان الإستماع لهذا الصوت رغماً عن أنفهم..والتحدي كبير على نواب الثورة ال12 وربما ال11، ليس مهماً كثيراً العدد، لأن الأهمية الأكبر إستعادة من أوصل هؤلاء إلى البرلمان ولا يكون ذلك إلاّ بالعودة إلى الناس. يا أخي، إلى نواب الثورة واحداً واحداً، إستمروا بما تجرونه من لقاءات فوقية واستمروا بوهم أنكم تمارسون السياسة، لكن تذكروا أن السياسة كعمل نبيل لا تكون إلاّ لخدمة الناس، خدمة من أوصلكم، وخدمة كل الموجوعين، أكثرية شعبنا الذي صبر حتى إنتهاء الصبر فاحذروا!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب والصحافي حنا صالح