قمة الكبار كما يصفها البعض و قمة القضايا المفتوحة و الأوضاع المعقدة بكل ما للكلمة من معنى فالأوضاع الاقتصادية عالميا" ملبدة بمخلفات كوفيد 19 و التضخم الحاصل في ارجاء المعمورة وعلى راسها الدول المعنية بالقمة و ازمة الطاقة وأسعارها و خطوط امدادها و فاتورة العيش الباهظة في كل العالم لاسيما القارة الأوروبية الواقعة تحت نيران الحرب الروسية الأوكرانية و التي تدفع أسعار كل شيء الى سقوف هائلة جاعلة" من قوة الدولار سيف مسلط على الدول الفقيرة والناشئة الغارقة في ازماتها المالية والاقتصادية في عالم فاقت ديونه 300 تريليون دولار.
تنعقد القمة والملفت فيها الحضور الجديد القادم مع الازمات الجديدة المتلاحقة فمن أبرزها الوافدين الجدد الحاضرين لأول مرة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، وثلاثة من دول مجموعة السبع: رئيس الوزراء الإيطالي جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، والمستشار الألماني أولاف شولتز. اما الحضور الروسي لم يأتي بمفاجئة بغياب الرئيس بوتين والذي لشكل حضوره قيمة مضافة ان على مستوى الحضور وان على مستوى طرح الملفات والتي تلعب موسكو فيها دور رئيسي وحاسم.
من هنا ليس الغياب الروسي فقط مشكلة بل ربما يتعداه الى جملة قادة دول لا يرغبون رؤية بعضهم بعض والامثلة كثيرة حيث تتعقد الملفات. هذا كله يطرح إشكالية كبرى حول الانسجام للخروج ببيان ختامي وتطلب إندونيسيا بيانا ختاميا للاجتماع، من الصعب أن يحصل ذلك كون روسيا ترفض وصف أفعالها في أوكرانيا بأنها غزو. والأمر عينه بالنسبة إلى تقاليد القمة الأخرى، فمثلا هناك صعوبة بأخذ صورة تجمع القادة، وفق ما جاء في تقرير بلومبرغ.
اما ابرز القضايا التي لابد لها من رؤية و حلول فهي قضايا المناخ حيث لازالت الوعود بأغلبيها حبرا" على ورق و بالتالي لابد من إحساس خلاق بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية و هذا يدفع الى معالجة ازمة الديون المتراكمة للدول الصغيرة و الناشئة خاصة بحضور الصين الدائن الأكبر لكل دول الحزام والحرير والولايات المتحدة المدين الأكبر بما يفوق 30 تريليون ، من هنا سيكون لقاء بايدن بنظيره الصيني، شي جين بينغ، الإثنين، في بالي على هامش قمة مجموعة العشرين، والذي يُعدّ أول لقاء مباشر بين الرئيسان منذ تسلم بايدن منصبه علما" ان بايدن أكد الأحد أنّه سيسعى إلى تحديد "الخطوط الحمر" في العلاقات مع بكين خلال محادثات سيجريها مع نظيره الصيني وعليه من المتوقّع أن تكون المحادثات صريحة حيث الملفات التي يفترض أن يناقشها الرجلان كثيرة.
ولا يخفى ان واشنطن وبكين على خلاف حول قضايا من التجارة إلى حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ الصينية مرورا بوضع تايوان والحرب الروسية الأوكرانية والعلاقات الروسية الصينية وعليه فإن التوترات بين البلدين مرتفعة، خصوصا حول السياسات التجارية والتكنولوجيا وإجراءات الصين بشأن تايوان وهونغ كونغ، إضافة الى رغبة القيادة الأميركية ان تقوم الصين على استخدام نفوذها لكبح جماح كوريا الشمالية التي أجرت عددا قياسيا من تجارب إطلاق الصواريخ من هنا كيف لردم الهوة والرؤى بعيدة؟!!!!
كذلك لابد من الوقوف على ضفاف القمة على العلاقات الأميركية السعودية منذ ما بعد زيارة بايدن الى المملكة وما تبعها من قرارات أوبك بلس والتي ازعجت الإدارة الأميركية الى أبواب الانتخابات النصفية التي مرت بردا" وسلاما" على الديمقراطيين وعليه هل تشهد أروقة القمة لقاء كبير على مستوى القيادتين السعودية والأميركية لتبريد الأجواء؟ اما ان ما كُتب قد كُتب!!!!
تبقى على القمة قضية بالغة الأهمية حول ازمة الغذاء العالمي خاصة بعد تقارير المؤسسات الدولية عن قرابة 900 مليون جائع لاسيما في دول افريقيا واشرق الأوسط ، لذا سيكون من المُلح على بيان القمة الختامي ان كتب له ان يصدر أي يحمل توصيات بشأن دعم استمرار امدادات الطاقة والاسمدة والحبوب تحديدا" حيث لابد من الحض على أن تُجديد صفقة الحبوب المبرمة في 19 نوفمبر 2022و التي ستُبقي الاختيار على أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة السماح للسفن بمواصلة نقل الحبوب، والرهان دائما" على التقارب الروسي التركي لحل المضلات و التي فق مقدمتها الموافقة الروسية على بقاء الاتفاق اضافة أن شركات الشحن قد تقدر أن المخاطر كبيرة للغاية، و عليه للأسف سترتفع تكاليف التأمين و الشحن.
لا يُتوقع الكثير من قمة العشرين في ظل الأوضاع المعقدة على كافة الصعد لكن يبقى الامل في لقاءات جانبية قد تحمل حلولا وسطى في الأمور الجلل التي تعانيها دول العالم من جهة، ومن جهة أخرى قد تحمل بعض اللقاءات انفراجات في ملفات محددة كملف النووي الإيراني وملف انتخاب رئيس للبنان خاصة بعد الحديث السعودي- الفرنسي حول الموضوع قبل ان يشتد الفراغ ويحمل ما هو أسوء.
الأكاديمي والباحث في الاقتصاد السياسي د. محمد موسى