في صبيحة اليوم ال1108 و1109 على بدء ثورة الكرامة
وفي 27 تشرين الأول 2022 وقع ميشال عون صك الإعتراف بدولة إسرائيل، وكل كلامٍ آخر لا قيمة له بل يدخل في باب الجعدنة: تضمنت الوثيقة الرسمية ذكر دولة إسرائيل 27 مرة!
إنه يوم يوم إفتضاح الكذبة الكبيرة:ممانعون وسياديون! ويوم تأكد تكراراً أن دور حزب الله حماية منظومة النيترات وبرمجة التسويات المطلوبة من الخارج، ولو تسبب ذلك بتنازل عن السيادة والثروة وتخلٍ عن مساحة من المياه الإقتصادية تعادل 15% من مساحة لبنان، وثرواتها كانت كفيلة بنقل لبنان من حالٍ إلى حال!
قبل أقل من أربعة أيام على إنتهاء ولاية البؤس والذل والإرتهان تم التتويج: هدر السيادة وحقوق اللبنانيين، وتصوير الأمر إنجاز تاريخي، وإنتصار، وإرغام العدو على الإعتراف بكل المطالب، وقد بلغ عون المكان الذي لا يجرؤ سواه عليه! لكن الوثائق سرية، ممنوع عرضها على الشعب اللبناني، وممنوع على البرلمان مناقشتها وإقرارها وفق ما تنص عليه المادة 52 من الدستور وكما جدد نواب الثورة المطالبة، وكان كافياً أن يأخذ الوزراء علماً دون إبداء الرأي بالمضمون وما ترتبه.. ولسنا كإسرائيل التي أُرغمت على الوقوف على "إجر ونصف" مضطرة حكومة لابيد لأن تعرض الإتفاقية على المحكمة العليا التي ناقشت دستوريتها وأجازت التوقيع!
ليس سراً أن أن الأسباب الإقليمية المتعلقة بالمصالح الإيرانية أولاً، معطوفة على حاجة منظومة النيترات إلى تعويم نفسها عجلت التوقيع وحرمت لبنان الكثير من حقوقه، لكن الأكيد أن إتفاقية الترسيم التي حملت أعلى التواقيع في البلدين، عون ولابيد، ويتم توثيقها في الأمم المتحدة، ومعها ضمانة من واشنطن ترتقي إلى مستوى المعاهدة المكتملة الأركان ..لكنهم هربوها! والأكيد أن مدائح بوصعب للحدث توازي بعض ما كان الصحاف يحدث به أبناء العراق عن إنتصارات مدوية على "العلوج" فيما كانت بغداد قيد السقوط!
بالحصيلة تخلينا عن ثروات "كاريش" وعن الخط 29 وبتنا أمام خط الطفافات(..) المتمم للخط الأزرق البري، وأمام منطقة أمنية إسرائيلية! بالنقابل إشترى لبنان "سمك بالبحر"، لأن كل الخطوات مرتبطة بحسن نوايا إسرائيل(..) والأمر المثبت بالوثائق أن عمليات الإستكشاف والتنقيب لا تبدأ قبل موافقة تل أبيب التي باتت تمتلك وصاية معينة..لكن منظومة النيترات تمكنت من شراء المزيد من الوقت، وعملياً أمامها مورد جديد للنهب، وفرصة لتلميع صورتها خارجياً تدعم وضعها الداخلي وسوف تستغلها في قضية "التوافق" على مقيم جديد في رئاسة الجمهورية يكمل عهد الخراب العوني!
لكن زمناً جديداً بدأ ستبرز ملامحه بعد حين رغم ذر الرماد بالعيون، فقد قال نصرالله عن الإتفاقية بأنه "إنتهينا من هذه المرحلة" وأنه بما يتعلق "بالمقاومة تكون المهمة إنتهت وكل التدابير والإستنفارات الإستثنائية أعلن أنها إنتهت"، وأن النتائج "إنتصار كبير وكبير جداً للبنان وللدولة وللشعب والمقاومة" واصفأ البعض المعترض بأن "حقدهم يعميهم"..وعلى الأرض فرض التعتيم على مراسم التوقيع في الناقورة، فإن كل ذلك لا ينفي نهاية مرحلة وبدء زمن جديد. لقد تم التوقيع على نهاية الصراع مع إسرائيل وإنتفت تكراراً كل المزاعم التي كانت تُساق لتبرير السلاح الخارج عن الشرعية. إنها حقبة جديدة بين لبنان وإسرائيل بمعزل عن الجدل العقيم من جانب الفريق المتسلط لتبرير التهريبة، ففي الأفق ترتسم خطوط حقبة سلمية – إقتصادية واضحة المعالم الأمنية والعسكرية!
2- توازياً عشية الرحيل الموجع عن القصر والتخلي القسري عن الكرسي، كانت لعون إطلالة متلفزة رغم آثار التعب من عملية رش الأوسمة(..) فأثارت رداً من ميقاتي. والأكيد كل ما طرحه عون ورد ميقاتي لم تلامس هموم الناس ووجعها، فسكان القصور والسرايات في غربة عن هموم أهل البلد يعيشون إنفصاماً لا سابق له!
جديد الحديث التهديد بأن الحكومة الحالية لا تتمتع بالثقة ولا يمكنها أن تحكم.. "أنا على وشك توقيع مرسوم قبول إستقالتها ورح إعطيهم فرصة حتى نهاية الولاية لتشكيل حكومة وفق معايير موحدة.. وإذا باسيل مش مقتنع أنا بقنعو"! لكنه لم يحدث الناس عن إنعدام مفاعيل مرسومه لأن الحياة لا تقبل الفراغ! وحمل على ميقاتي الذي لم يعد إلى القصر "وربما راح يعمل كزدورة باليخت قبل ما يرجع".. وقال إنه خسر نصف الولاية بسبب حكومات تصريف الأعمال، متناسياً خسارة البلد نتيجة الفراغ وأنه كان وراء التعطيل ومتجاهلاً أن الثقة بالحكومات من مسؤولية البرلمان وليس جنابه..وبرر التردي والإنهيار ب"ما خلونا".. لكن ميقاتي رد معتبراً أن بعض ما قاله عون وقائع مجتزأة ومحرفة: "أحياناً تخون كبارنا الذاكرة فتختلط الوقائع بالتمنيات والحقائق بالأوهام"!
3- مع توجه بري لدعوة الكتل ممثلة برؤسائها إلى حوار لتوافق على مقيم جديد في بعبدا، يراد منه أن يلبي وجوده مصالح أطراف المنظومة، والبداية إرادة حزب الله ونهجه، ما زال بعضهم يدبج الكتابات والتصاريح عن الرئيس"السيادي والإصلاحي"! ويتم التدبيج ولم يجف بعد حبر توقيع إتفاقية الترسيم التي حظيت بموافقة إجماعية من السياديين غب الطلب قبل الممانعين. ويكرر هذا البعض تحميل نواب الثورة وزر عدم وصول النموذج الهمام! فلبعض مدبجي التصاريح والكتبة( وربما غب الطلب) التنبه للتطور الجديد، فالسماسرة في "سيد نفسه"، سينخرطون مباشرة بعد 31 الجاري في ورشة المفاضلة بين أسماء تحمل مواصفات حماية مصالحهم، ومصالح الخارج الذي غطوا إختطاف الدولة لخدمة مخططاته!
تبقى في مكانها وفي التوقيت السليم، أن يقوم نواب من الثورة بترشيح د. عصام خليفة الشخص الرمز في معركة السيادة والدفاع عن الحقوق وثروة اللبنانيين..إنها خطوة لا بل رسالة مسبقة، للتأكيد أن تسويات المتسلطين ستبقى جزئية ولو مع أكثرية نيابية. وخيارهم الرئاسي لن يمر دون مواجهة حرصاً بداية على دور البرلمان وكيف ينبغي أن يكون، وحرصاً على مناخ الحرية والديموقراطية والقيم التي تمسكت بها ثورة تشرين، ولكي يكون هذا الترشيح، الذي شكل إدانة لمنظومة السلطة، الرافعة لإستنهاض اللبنانيين مجدداً دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم وبلدهم وكل نسيجه الوطني ومميزاته.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح