من قال ان كل الثورات كُتب لها النجاح ؟ وهل ثورة ١٧ تشرين فشلت؟
قد يساعدنا التاريخ على قرأة الواقع ، وبعيداً عن اجواء التشنج الثوري التغييري الذي نعيشه اليوم اردت الاضاءة على فشل الاخرين لربما نستلهم ونعتبر للانتقال بثورتنا الى مرحلة العمل السياسي الناضج والمبني على استراتيجيات عملية منتجة .
داخل كل انسان نجد ثورة صغيرة تعيش في اللاوعي ، تتحكم بهذه الثورة الغريزة في غالب الاحيان ، رفض الشعور بالحر مثلاً والتأفف والانتقال الى مكان اكثر برودة ناتج عن شعور الانسان برفض المكان والزمان الذي يعيشه والانتقال يشكل ثورة ضد الحر ، من هذا المثل البسيط افتح النافذة على فكرة الثورة الانسانية على مر التاريخ ، مئات منها لا بل الاف الثورات منذ نشأة البشرية فهل تكللت بالنجاح بغالبيتها ؟ حتماً لا ، ومن منا لا يعرف واقعة الثورة الفرنسية الأولى هي أشهر ثورة في التاريخ اندلعت في العام ١٧٨٩ ضد الملك لويس السادس عشر بسبب الفقر وسيطرة الكنيسة وفرضها للضرائب الباهظة وخروج فرنسا من حرب الأعوام السبعة مثقلةً بالديون ، نجحت الثورة في أولى مراحلها وتم إعدام لويس وزوجته ماري انطوانيت لتدور الأيام ويتولى نابليون بونابارت حكم فرنسا في العام ١٧٩٩ وينصب نفسه إمبراطوراً في العام ١٨٠٤ .
اما عام الثورات الفاشلة فكان سنة ١٨٤٨ هو العام الذي شهدت فيه حوالي ٥٠ دولة أوروبية ثورات شعبية يقودها الليبراليون ضد الأنظمة المحافظة وكانت البداية في كانون الثاني من نفس العام في مدينة صقلية الإيطالية وفي شباط عام ١٨٤٩ سقطت الملكية الفرنسية وفي ألمانيا والنمسا والمجر وإيطاليا اندلعت نيران الثورة وكانت المطالب الثورية هي العدالة الاجتماعية والحقوق المدنية التي حاول الثوار تحقيقها بالعمل المسلح وفي خضم هذا أزهقت عشرات آلاف الارواح إلا أن كل هذا ذهب هباء ففي نهاية العام فشلت هذه الثورات بسبب عدم التنسيق والعمل معاً في حين تعاونت الملكيات الأوروبية فيما بينها للقضاء على هذه الثورات وبالفعل نجحوا في ذلك.
الثورة المجرية عام ١٩٥٦ التي نشبت بعد استقالة امين عام الحزب الشيوعي المجري ما ايقظ امال التغيير واستعادة الحريات العامة للطبقات الشعبية والتي انتهت بالفشل بعد اعلان المجر خروجها من اتفاقية وارسو ليستلم زمام القيادة جانوس كادار المقرب من الاتحاد السوفياتي .
الثورة البوليفية التي قادتها الحركة الثورية القومية والتي انتهت بالفشل والاطاحة بزعيم الثورة استنسورو وتولي رينيه بارتينوس زمام الحكم .
الثورة الغواتيمالية عام ١٩٤٤ … فشل ذريع والاف القتلى .
الانقلاب الايراني عام ١٩٥٣ حيث ازهقت ارواح الاف الايرانين وتم اعدام مئات المسؤولين وفشلت الثورة واستمر الشاه بالحكم ، اليوم تشهد ايران ثورة مدنية ليبرالية رافضة للقمع والقهر والاستبداد اتمنى ان تستمر وتنجح .
اما ثورة ٢٥ كانون الثاني او كما يسميها الشعب المصري ثورة يناير والتي انتجت حكم الاخوان بقيادة محمد مرسي والذي انقلب عليه قائد الجيش حينها والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بعد اشتعال الثورة الرافضة لحكم مرسي المتهم باعدام المتظاهرين وخطف مئات المصريين واخفائهم .
الثورة السورية عام ٢٠١١ والتي راح ضحيتها ما يقارب المليون ونصف مواطن سوري واكثر من اربعة ملايين شخص لا احد يعلم عنهم شيئاً وقرابة الستة ملايين لاجىء في اصقاع الارض وتدمير مئات المدن والقرى وتسويتها بالارض .
القاسم المشترك الوحيد في كل الثورات الفاشلة كان " الخيانة " ، الانانية خيانة ، الغرور خيانة ، التفرد خيانة ، الازدواجية خيانة ، التراخي خيانة ، عدم الوحدة خيانة عظمى ..
والان برأيكم ! هل ثورتنا بحالتها الراهنة قابلة للفشل ام للنجاح ؟
سؤال يحتاج جواباً مسؤولاً ، يجيب عليه الجميع .
نحتاج حلاً جذرياً لاستعادة الثورة وانتشالها من الهوة التي وضعناها فيها بأيدينا ، حل يبدأ بإلغاء ما يسمى مجموعات واحزاب ، الثورة تحتاج هيكل واحد له رأس وايدي وارجل وعيون وادوات وطاقات ومشاريع متنوعة ، نحن ثورات متفرقة متنازعة متناحرة لديها هياكل ذات رؤوس فارغة وحامية ، نحن لا يليق بنا تسمية ثورة وثوار لغاية اللحظة ، علينا الارتقاء والتفاني في عملنا لتليق بنا الثورة .
لنعتبر …
الكاتب فراس بو حاطوم