في صبيحة اليوم ال1092 على بدء ثورة الكرامة

 

إنه إتفاق إذعان ورضوخٍ لصفقة خارجية تخدم الخارج، قامت على التفريط بالسيادة والحقوق، مقابل إعادة تأهيل منظومة الفساد والإرتهان وحماية تسلطها ونهبها، ولن يكون مستبعداً رفع العقوبات الأميركية عن جبران باسيل! إنه إتفاق ينتهك القانون الدولي( قانون البحار للعام 1982)، وينتهك الدستور ويعملون لتهريبه بعيداً عن أعين اللبنانيين، وسيلاحق العار موقعيه وكل من دعمه ووافق عليه!
المشهد سريالي! يتحدثون في بيروت وتل أبيب عن ترسيم "تاريخي" للحدود البحرية وعن إنتصار هنا وهناك! والذروة تمثلت في إستخدام يئير لبيد وحسن نصرالله العبارات نفسها لجهة المضامين! كلاهما تحدثا عن "الإنجاز التاريخي"، وفي كلام نصرالله دعوة اللبنانيين إلى "عدم تخريبه" بعدما نقلت رويترز عن مسؤولين لبنانيين أن حزب الله هو من أعطى "الضوء الأخضر لإقرار الإتفاق! إنه إتفاقه! بالمقابل كان يئير لابيد يدعو الإسرائيليين للإحتفال ب"الإتفاق التاريخي مع لبنان الذي سيعزز أمن إسرائيل ويضخ المليارات في إقتصادها ويضمن إستقرار وأمن حدودها الشمالية"!
لا معلومات من الرسميين اللبنانيين عن مضمون الإتفاق سوى تضخيم حديث الإنتصار وتحقيق كل المطالب؟ ما هي المطالب التي طالب بها لبنان وماذا تحقق وكيف لا جواب بل تكتم على الإتفاق، وإصرار على تهريبه، ولن يعرض لا على مجلس الوزراء ولا البرلمان، هل تذكرون تهريبة إتفاق القاهرة؟!
بالمقابل تأكد أن خط "الطفافات" الإسرائيلي الذي يمتد إلى الشمال من الخط 23 الوهمي الذي يبتعد شمالاً 30 متراً عن خط الحدود الدولية المعتمدة في إتفاقية الهدنة عام 1949، بات خطاً أمنياً لإسرائيل، لكن إنتبهوا هناك صياغة لغوية، ربما بالعربية، يتوسلونها في القصور والسرايات، لحفظ القليل من ماء الوجه! واقعياً تم الإعتراف بخط "الطفافات"، ولن تكون هناك أي مطالبات من جانب لبنان بتغيير الخط، ما لم يتم التوصل إلى إتفاقٍ مستقبلي آخر(..)! وبعد هذاالخط، سيعتمد الخط البحري على الخط 23 كحدود مستقبلية!
في أوساط الممانعة التي أضافت للبنانيين "إنتصاراً إلهياً"، تأكيد أن ما حصل "تسوية تضمن الأمن للشركات العاملة في التنقيب والإستخراج في المنطقة الحدودية البحرية"! وتعترف قوى "الإنتصار الإلهي" بأنه ما من "ترسيم نهائي للحدود البحرية، إنما صار لدينا في البحر ما يشبه الخط الأزرق والخط التقني كما هو حاصل على البر، وفق ما يسمى خط الطفافات من ناحية إسرائيل والخط 23 من ناحية لبنان، على أن تبقى "الضمانة الأميركية" لناحية إحترام هذه الخطوط"! نعم ضمانة أميركية لتل أبيب وحزب الله! المنتصرون على الشعب اللبناني وحقوقه أغفلوا أن فعلتهم جعلت منطقة رأس الناقورة تحت وصاية اليونيفيل، "ممنوع" على إسرائيل الدخول إليها، لكن لبنان فقد حقه بالوجود الأمني فيها، أي أن سيادته عليها باتت شكلية!
بالتأكيد من حق الصهاينة القول أنهم لم يتنازلوا ملم واحد عما طالبوا به بعدما تنازل لبنان عن حقوقه في كاريش وهي عشرات مليارات الدولارات، لتتقدم إسرائيل وتنال حصة 17% من حقل قانا الذي بات عملياً جنوب خط "الطفافات"! ومن حقهم أن يعلنوا أنهم سيعلنون الإتفاق  بشفافية على الجمهور الإسرائيلي، مع تأكيدهم أن الضمانات تحمي حقوق إسرائيل في حقل قانا(..)، وهناك حديث من أن تل ابيب ستحصل مسبقاً على حصة من هذه العائدات(..) وأن "توتال" الفرنسية ستدفع هذه الحصة! هزلية هذه التخريجة وإستخفاف بعقول اللبنانيين، عندما يرددون في بيروت أن لبنان ليس في شراكة مالية مع إسرائيل التي عليها حل أمورها مع "توتال"، فهل ستدفع الشركة الفرنسية من مالها الخاص؟ كفى إبتذالا وذر الرماد في العيون!
لكن إنتبهوا فإن السيد نصرالله "طمأن" اللبنانيين والفلسطينيين بقوله ليلة أمس:" إتفاقنا هذا مع إسرائيل هو مؤقت حتى تتحرر فلسطين وعندئذٍ لن نختلف مع إخواننا الفلسطينيين على حدودنا"! إذن أبشروا بطول العمر!
وبعد، هال بعض الوسط النيابي الذي يطلق على نفسه تسميات من نوع "السيادي" و"المستقل" أن تعم الأفراح ديار بعبدا وميرنا الشالوحي وحزب الله وكل الفريق الممانع، وتخيلوا أن عون تلقى تهنئة مباشرة من بايدن، هل تذكرون متى تلقت بعبدا وفي أي زمن إتصالاً على هذا المستوى؟ هذا الإبتهاج دفع النائب الصايغ، نائب رئيس حزب الكتائب، إلى زيارة عين التينة مبدياً التحفظ على الأجواء الإحتفالية لأن الإتفاق إنطلق من "إتفاق الإطار"  الذي توصل إليه بري ويجب أن يعرض على البرلمان! هالهم إحتفال باسيل – بوصعب، ولم يستوقفهم التخلي عن السيادة والثروة والحقوق!
أبشروا كل الأطراف التي هدرت السيادة والحقوق ستتم ملاحقتها، ووفق د.عصام خليفة في تصريح متلفز، سيتم الذهاب إلى القضاء اللبناني وإلى القضاء الدولي للدفاع عن السيادة والثروة، وسيتم إعتماد كل الوسائل القانونية المتاحة لملاحقة المرتكبين الذين إستباحوا السيادة وخرقوا الدستور!

وبعد البعد، غاب أمس صوت نواب الثورة! كانت لهم الأسبقية بتقديم مشروع قانون تثبيت الخط 29 الذي أسقطه نواب التخلي والعار. والأمل أن يتركوا التحليل للكتاب والصحفيين، ويطلقوا حملة جدية وفاء لقيم ثورة تشرين التي أوصلتهم إلى الندوة النيابية، قيم تقوم على المحاسبة والمساءلة وحفظ مصالح لبنان وحقوق شعبه. والأمل أن يخرجوا من نقاش عقيم حول سلة الأسماء للإسترئاس وفيها وزير سابق عجز عن إدارة وزارته فاعتكف، وطلب النيابة على لائحة جبران باسيل..ووزير سابق وزّره باسيل فاستقال مرغماً يوم تبين أن سكريتارته الباسيلية الهوى تحجب وتمنع المراسلات والإتصالات عن معاليه. كفى!

سيحتفل اللبنانيون يوم قلب هذه المنظومة واستعادة الحقوق، ويوم تبيان الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ وتطبيق العدالة ومحاسبة المرتكبين، وقد كان أحد أبرز المتهمين والمدعى عليه بالجناية، وبحقه مذكرة توقيف، علي حسن خليل، ضيف شاشة "آل بي سي" يحاضر بالعفة ويهدد بمقاضاة رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي أفسد الهجمة العونية المدعومة من الثنائي المذهبي وانتصر لإستقلالية القضاء!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب والصحافي حنا صالح