في صبيحة اليوم ال1089 على بدء ثورة الكرامة

 

الأحد التاسع من تشرين الأول، تشتد القتامة، فمنظومة النيترات الناهبة التي ارتهنت البلد وسلمت قراره إلى حزب الله والخارج التابع له عاجزة عن تقديم أي شيء للبنانيين. لقد بات كل الممكن في الهزيع الأخير لعهد البؤس والذل الشطارة في التعطيل وفتح أوتوسترادات أمام إكتمال قوس الأزمات والإنهيارات الخانقة!
العدو الإسرائيلي يجري اليوم تجربة لتشغيل البنية التحتية إستخراج الغاز في كاريش، وبعضهم في بيروت ينتظر ماذا في جعبة السماسرة الذين "أدهشهم" جشع العدو الذي يفوق جشعهم. والوقائع تقول أنه حتى ال31 من الجاري، كل الإستحقاقات أمام حائط مسدود: لا ترسيم، ولا تأليف حكومة، ولا إنتخاب رئيس جمهورية! وفوق كل ذلك، تمكنوا حتى اللحظة من طي صفحة الإصلاحات، وتعطيل إمكانية إتفاق مع صندوق النقد، ومنعوا وضع قانون يحمي جني أعمار الناس: الودائع.. ومنذ 11 شهراً أوصدوا الأبواب على التحقيق في جريمة الحرب التي ضربت بيروت ولبنان! غير أن الإيجابية الوحيدة المتبقية تكمن في طيِّ صفحة ولاية عون يوم 31 الجاري!
بالمجان، عفواً رضخوا لصفقة خارجية، تنازلوا عن الحدود والحقوق والثروة فأفقدوا لبنان أوراق قوته وذهبوا للتفاوض مع العدو عبر عزيزهم آموس! فطالبت إسرائيل بالمزيد ووضعت المتسلطين، السلطة التي تحتل لبنان وتستبد بشعبه، أمام خيارين: مزيد من التنازل ومزيد من التنازل، وكتمهيد لذلك بدأ الترويج عن الحجم الهائل لثروات بمئات المليارت الموجودة في "حقل قانا" وشقيقاته وأشقائه وكل ذلك قبل أي خطوة إستكشافٍ أو تنقيب، وكل ذلك لتغطية تنازل آتٍ!
جلسة الثالث عشر من الجاري لإنتخاب رئيس جديد يبقى إنعقادها على كفِّ تأمين نصاب ال86 نائباً، والأمر مستبعد طالما لم يتوافق حزب الله وفريقه على مرشح واحد أحد! كما لم يكشف آخرين عن كل أوراقهم. إنه "تعطيل تكتيكي" كما يكتب الصديق أياد أبو شقرا بانتظار كلمة سر من خارج ما قد يتأخر وصولها. في هذا الوقت يستمر بعض المنافقين في بيع الأوهام للناس، شعارات يتناوبون على رميها بوجه المواطنين من نوع: السيادة والإستقلال ..إلى رفض التطبيع مع العدو الغاشم(..)، بعدما توافقوا أكثر من 110 نواب على التنازل أمام العدو إياه عن سيادة البلد على ترابه وثروته ومصالحه وحقوق أفراده.
لا نصاب هذا ما تقوله الوقائع، وعيون كثيرة في الداخل، التي إستخفت بجهد نواب الثورة للبننة الإستحقاق الرئاسي وإيجاد بعض الحلول، راحت تراقب أحداث كبيرة في الخارج وتداعياتها. لا يعطون ما يواجه البلد في زمن الإستحقاقات أي إهتمام، فعيونهم تنصب على الحرب الروسية ضد أوكرانيا وقد باتت أمام مفصل تاريخي حقيقي أكثر من أي وقت(..) كذلك التحدي الذي يواجهه نظام الولي الفقيه وهو غير مسبوق خصوصاً مع إعتراف محافظ طهران أن بنى القوى الأمنية غير قادرة على إحتواء الشارع ما قد يشي بتعب بدأ يصيب القتلة! والعيون على الإنتخابات الإسرائيلية في الأول من تشرين الثاني، وأكثر على الإنتخابات النصفية الحاسمة في أميركا يوم الثامن من تشرين الثاني التي ستترك نتائجها بصمات على الكرة الأرضية!
الأولوية اليوم بالتحرك لجعل فترة الإستحقاقات وأهمها الرئاسي، محطة بناء وضعٍ داخلي يمكن له أن يستفيد من الأحداث الخارجية وتداعيتها. محطة تسكتمل محطة الإنتخابات التي توجت ثورة "17 تشرين"، هي بالضبط ما أكدت عليه مبادرة نواب الثورة التي قالت أن المشروع الحقيقي يكمن في العمل لبناء "الكتلة التاريخية" العابرة للمناطق والطوائف، ولكل محاولات تمدد الكانتونات وإحياء بعض الإصطفافات، والإستثمار في إنقساماتها. وحدها "الكتلة التاريخية" التي تفترض بلورة تنظيمات سياسية حزبية تشرينية من شأنها بلورة ميزان قوى آخر، وتقديم البديل السياسي  لكل منظومة النيترات. هنا بالضبط تكمن أهمية تقديم مرشح للرئاسة من نوع آخر!
د. عصام خليفة يمتلك كل المواصفات الفكرية والقانونية والسياسية والسيادية والنضال النقابي الحقيقي ويحمل ملامح الثورة وقيمها، لأن يكون هو المرشح والعنوان لهذا الإستحقاق الكبير، وليس أدل على ذلك أنه لم يتلوث يوماً بفساد، وتصدى بعناد لنهج التخلي عن السيادة والحقوق. ولقي الدعم من هيئات أهلية وخاصة قوى ثورة تشرين، وحذر من اللحظة الأولى من خطر إعتماد "الخط الأزرق"، الذي كما يبدو يغطي صفقة خطيرة، لأنه الخط الأمني للعام 2000 إثر الإنسحاب الإسرائيلي. وإعتماد هذا الخط سيمس بالسيادة ويفقد لبنان حقوقه وثروته، لأنه يعني التخلي عن إتفاقية الهدنة الموثقة والملزمة للبنان وإسرائيل والأمم المتحدة، وتالياً عن خط الحدود البرية التاريخية المرسمة من العام 1923. وكما يؤكد السفير السابق د. هشام حمدان فإن هذا المنحى يعرض لبنان للويلات ويكرر "خطأ إتفاق القاهرة الذي حرق قرى الجنوب وقتل الألوف"!

التحدي واضح وجلي ويستحيل الزعم أن السكر والملح واحد إنطلاقاً من أن لونهما الأبيض واحد!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب والصحافي حنا صالح