في صبيحة اليوم ال1084 على بدء ثورة الكرامة

 

أفسدت المحكمة العليا الإسرائيلية الأجواء الإحتفالية اللبنانية، والإبتهاج التي سادت المقرات الرئاسية وأوساط الممانعة خصوصاً تلك المؤيدة للثنائي المذهبي، عندما حددت يوم 27 الجاري موعداً لدراسة مسودة إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أي قبل 3 أيام فقط على موعد الإنتخابات الإسرائيلية، ما يعني تعذر توقيع الإتفاق قبل الإنتخابات وانتظار النتائج وموقف الجهة الفائزة، وتالياً لا توقيع قبل نهاية ولاية ميشال عون، التي في ظلها أخذت منظومة النيترات التي يقودها حزب الله لبنان واللبنانيين إلى الجحيم!
إنهم يحتفلون بالتنازل الخطير عن السيادة وهدر الثروة أمام العدو. يحتفلون بخضوعهم لصفقة مثلثة أميركية إيرانية إسرائيلية قضت بالتنازل لبنانياً عن خط الحدود 29 وعن رأس الناقورة، ما منح تل أبيب غاز كاريش المؤكد الوجود وجزءاً من غاز قانا الممكن وجوده.. ولا قيمة لأي كلام آخر أو رأي روّجه من إجتمع في بعبدا.. كما أن جعل رأس الناقورة منطقة متنازع عليها، منح إسرائيل تفوقاً أمنياً لأنه افقد لبنان إمكانية كشف الحدود الساحلية الشمالية إسرائيل، وسيفتح الباب على مصراعيه لمطالبات العدو بتعديل الحدود البرية التاريخية للبنان!
ورغم تصادم الإتفاق مع قانون البحار ومع دراسة المكتب البريطاني ودراسات الجيش التي تعتمد الخط 29 ورأس الناقورة لترسيم حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة، فإن قوى أطراف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، كما قوى سياسية أخرى، اعتبرت أن مضمون الإتفاق إيجابياً لجهة ضمان حقوق لبنان ومطالبه! فيما سجل نواب الثورة رفضاً للإتفاق الذي هدر السيادة وفرط بالحقوق والثروة.. وطالب نواب الثورة بان يعرض الإتفاق على البرلمان قبل التوقيع عليه.

 

2- قبل 27 يوماً على نهاية ولاية عون، يتجه الرئيس بري لتوجيه الدعوة لجلسة ثانية لإنتخاب رئيس للجمهورية، ونقل عنه أنه لم يشترط توافق 128 نائباً لكن بدون التوافق من المتعذر التوصل لإنتخاب رئيس جديد خلال المتبقي من المهلة الدستورية.. هذا المنحى تزامن مع إتساع الإندفاعة لتأليف حكومة جديدة تنطلق من القواعد والأسماء والعدد لحكومة تصريف الأعمال فتبدل أسماء قليلة والبعض يحدد موعداً لإعلانها ما بين 16 و17 الجاري.
الأمر الأكيد أنه لو كان لبنان ذاهباً إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل نهاية الولاية، لما كان من موجب لكل هذا التنافس على حكومة عمرها أسابيع قليلة، لأنها تعتبر مستقيلة قانونا فور إنتخاب رئيس جديد. لكن الأمر الأكيد أن حزب الله الذي إستحق عدم القدرة على تمرير الرئاسة لأحد مرشحيه، وأولهم سليمان فرنجية، يريد الحكومة اليوم قبل الغد لأنها مرشحة لأن تملاء الشغور الرئاسي الذي تُدفع إليه البلاد!
لذا يتحدث القصر عن تعديل في الأسماء بين 3 و5 وزراء لأنه مدرك أن الحكومة ستتألف، لكن هذا لا يعني أن هناك، مع حكومة "ثورة مضادة" على رأسها نجيب ميقاتي، أمل  بإمكانية للصعود من الهاوية، ولا يعني أن منظومة الحكم ما بعد عون ستولي إهتمامها لمعالجة الأزمات المالية والإقتصادية والإجتماعية. إن أبرز أولوياتهم حددها ميقاتي برفع السعر الرسمي للصرف 10 مرات، مستثنياً رأس مال المصارف وأصحاب القروض الإسكانية والشخصية وقد تبين أن ميقاتي وأسرته حصلوا على قروض إسكانية بقيمة 34 مليون دولار! ويتبين إقتصادياً أن رفع سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة هو بالملموس إضافة سعر جديد إلى سلة الأسعار المتضاربة للدولار ما يشرع المضاربات ويدفع أكثر مخطط تذويب المتبقي من الودائع، ويفتح الأبواب أمام تمويل منظومة الفساد ومصارفها المفلسة من اللحم الحي للناس!
الأكيد أن ميقاتي ليس إصلاحياً ويشتري الوقت من جيوب الناس وكبنكرجي حدد أولوياته وينبغي التنبه أن الإنهيارات تضاعفت مع وجوده في السراي  والسياسات التي إتبعها مع سلامة رفعت خسائر مصرف لبنان إلى نحو 81 مليار دولار، ويشهد البلد هستيريا في طباعة الليرة مع التراجع الحاد في الإحتياطي.
إلى نواب الثورة لا تفقدوا البوصلة. الشغور مقيم في الرئاسة منذ عقود ولن يتفاقم الأن ولا ترضخوا لإبتزاز من نوع أن عدم وجود رئيس يهز الإستقرار فأين هو هذا الإستقرار والناس تسلخ جلودها أمام المصارف والمستشفيات والأفران والصيدليات ودكاكين العلم! أنتم مدينون بنيابتكم لمئات ألوف اللبنانيين الذين كانوا على الموعد واقترعوا عقابياً ضد كل المنظومة الناهبة القاتلة التي إرتهنت البلد. أمامكم تضيع الثروة وتهدر خدمة لمصالح خارجية، وبقية البرلمان مرتاح لإخضاع مصالح لبنان للقوى الخارجية. لن تنجح أي محاولة تفاوض فوقي لتمرير ما يمكن ان يلبي الحد الأدنى من مصالح الناس، لا سلة ولا سلال ولا أولوية إلاّ في تجميع أورق القوة: العمل لميزان قوى بديل.. إنه وقت التوجه إلى الناخبين والسعي لجعل الإستحقاق قضية وطنية تهم الناس وليس لعبة 3 أوراق تتم في غرفة مقفلة وإنتظار تعليمة من هذا الخارج أوذاك.
لعبة قوى التقليد ستهدد مصداقيتكم فلا تضيعوا البوصلة!

3- وبعد البعد هل سقطت ورقة التين عن وجه عباس الحلبي "المحاور والدمث"، فظهر وجه بنكرجي آخر يفيض بالغرور، قرر وقف التعاقد مع المدرسة نسرين شاهين لأنها تجرأت وتحدثت عن الفساد في وزارة التربية؟ وتضمن قراره التعسفي عدم التعاقد معها لهذا العام وللأعوام المقبلة لإنتفاء الحاجة؟ كيف علم بانتفاء الحاجة؟ ومن أبلغه ووفق أي دراسة؟ وهل بمثل هذا التعسف يغطي موبقات في وزارته يعرفها القاصي والداني ومنها بشكلٍ رئيسي ما هو مرتبط بمصير الهبات المخصصة لتعليم النازحين وأبناء المجتمعات التي وقع عليها العبء الكبير لإستضافتهم!

وكلن يعني كلن وما نستثني حدن منن

الكاتب والصحافي حنا صالح