لن اتطرق الى الطبقة السياسية في هذا المقال لقد اكتفيت كتابة عنهم وأعتقد انه علينا اعادة النظر بعناية في تكوين الشعب اللبناني.

أمس ولاول مرة في تاريخ نشأة لبنان شاهدنا محاولة لبنانية بامتياز لانتخاب رئيس جمهورية لهذه الدولة الجاثمة ، رئيس يشبه الحالمين بدولة العدالة والقانون ، دولة الثقافة والاخلاق والحداثة ، مجموعة من النواب المنتخبين بأصوات هولاء الطامحين والحالمين اقترعوا لمرشح اسمه "سليم اده " ومنحوه احدى عشرة صوتاً لايصال رسالة واضحة انه يمكننا انتخاب رئيس صناعة لبنانية ولديه الكفاءة للعمل على انتشال لبنان من جحيمه ، ايضاً رسالة للناخبين مفادها " سنكون عند حسن ظنكم وسنعمل بكل قوانا لتحقيق مشروع ثورتكم " .

في المقابل كانت الاحزاب المليشياوية التي تحاول باستمرار امتطاء موجة التغيير الحقيقية وسرقة ثورة الشعب تمنح اصوات نوابها لمرشح فاقع الارتهان والانبطاح للمشاريع الخارجية ويعتبر نفسه فارس احلام اللبنانيين بينما يعرفه الجميع انه إبن " نشالة الحلوى " واحد ابرز وجوه الابتزاز الرخيص الذي يوظف ويمول عدة مواقع الكترونية للانقضاض على معارضيه ، ولم ينسى الشعب اللبناني انه كان ابرز حلفاء تيار الفساد والنهب ( تيار عون وصهره ) وكان من ضمن لوائحهم الانتخابية عام ٢٠١٨  ويريد استغباء الناس وتسلق اوجاعهم بينما تدعمه مجموعه من احزاب المنظومة الفاسدة .
 
صفعة قوية وجهتها كتلة التغيير لهذا المرشح وداعميه مما اثار حفيظة ذبابهم الالكتروني الذي شن هجمات عنيفة للنيل من نواب التغيير وكما المعتاد اوعز " ميشال معوض " لمواقعه الالكترونية لشن الهجوم على نواب التغيير وانبرت الاقلام المأجورة والمسعورة لصياغة اخبث ما لديهم من سفالة بهدف تشتيت الانظار عن انجاز هؤلاء النواب واتهامهم بعرقلة انتاج رئيس سيادي كما يرغبون !
 
طبعاً هذا متوقع ومعتاد من جراثيم المنظومة الحاكمة لكن ما ادهشني حقاً هو غباء الغالبية الشعبية ممن امتعضوا لتسمية سليم اده دون معرفته حتى ودون الوقوف عند رأي المجموعات السياسية ونوابها التغييرين ، وهنا لن اتطرق الى المعايير التي اعتمدت عليها كتلة التغيير في انتقاء هذا الرجل ، ولن اتخذ دور المرشد لتوعية من هو غبي بملء ارادته ، فقط سأتناول المشكلة التي لم ولن يتحدث عنها احد ولن يجروء احد على خوض تفاصيلها ، انها اخطر ازمة قد يشهدها وطن وقد تؤدي الى زواله ان لم تتم معالجتها ، لا بل لا مصلحة لدى المنظومة لمعالجة هذه الازمة !
 
ازمة متلازمة " الغباء الجماعي " ، والغباء بشكل عام هو سلسلة من اخفاقات الاذكياء احياناً ، شعب لبنان يتباهى بالذكاء بينما هم في الحقيقة اذكياء في الاخفاق وهذا قمة الغباء ، تخيلوا !! 
ثلاث وزراء طاقة افلسوا لبنان ونهبوا وزارة الطاقة ، اعاد هذا الشعب الغبي انتاجهم نواباً ليمثلوه ؟؟!!!!!! 
ما قراته بالامس من هجوم على نواب التغيير يؤكد ان متلازمة الغباء الجماعي مستفحلة في لبنان كون غالبية جماهير الاحزاب اتحدت للنيل من كتلة تريد رئيساً للجمهورية ، نزيه ، خلوق ، كفؤ ، مندفع نشيط ولديه العلاقات والمرونة في التعاطي مع الجميع واقله لديه القدرة على انتاج افكاراً جديدة لبناء الادارة المهترئة . 
 
لم يعد الامر يتعلق بخيارات الاحزاب السياسية ابداً .. اتحدث عن خطورة الانسحاق الشعبي خلف خيارات المنظومة التي اثبتت وعلى مدى سنوات طويلة انها منظومة لا تجيد سوى الفساد والاجرام والمحاصصات والتقسيم ومذهبة كل شيء!! 
لا يعقل ، لا يعقل ان يكون الشعب اللبناني بغالبيته مصاب بوباء الغباء ، نحتاج للقاحات مضادة للغباء .. هل يوجد ؟ 
لم ولن ارى في حياتي شعباً يُمجّد جلاديه كما يفعل اغبياء بلادي ، استفحل الوباء لدرجة انهم يصفون زعيمهم بالنبي .. واخرون يعتبرون سيدهم " الله " .. وهناك من يرى الشمس تشرق من مؤخرة عون .. واخرون يعتبرون شرف طائفتهم متعلق بجزمة زعيمهم ، ما هذا الإزبهلال يا قوم ؟! 
 
ارى شعوباً راضخة لا حيلة ولا قوة لديها لمجابهة قادتها ، لكني رايت ايضاً ان بعض هذه الشعوب وعندما سنحت لها الفرصة ثارت على جلادها واقتلعته مهما بلغت التضحيات .. الا في لبنان ، عندما قامت الثورة لاقتلاع المجرمين والفاسدين واجهتها المنظومة بالشعب نفسه من خلال تأجيج النزعات المذهبية وتبادل الاتهامات وبث الشائعات باتجاه الثورة وثوارها ، الانتخابات النيابية الاخيرة اظهرت ان وباء الغباء في مراحل خطيرة للغاية حيث اعاد الشعب الغبي المغفل انتاج ٩٠ بالمئة من نفس الطبقة الفاسدة !!! 
 
في الحقيقة ينتابني احياناً سخطاً نابع من ألم عميق … اتمنى احياناً ان تسقط قنبلة نووية على لبنان لابادة نسلنا عن بكرة ابينا ، حقاً نحتاج للجرف والقحط والدعس … الصالح بضهر الطالح … وما يضل مخبّر يتحدث عنا … شعبٌ لا يستحق الرحمة لانه لم ولن يرحم نفسه .. ويليق بهم سيدهم وزعيمهم .
كلن يعني كلن والشعب الغبي منهم .
 

الكاتب فراس بو حاطوم